نص كلمة نائب رئيس مجلس النواب العراقي في مؤتمر حوار بغداد
1/14/2017
أصحاب الفخامة والسيادة والمعالي والسعادة...
السيدات والسادة الحضور...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
بداية أود أن أقدم شكري وتقديري العالي لسماحة الشيخ د.همام حمودي لرعايته مؤتمر (حوار بغداد) كما أشكر كل القائمين على أدارة وتنظيم هذا اللقاء الحيوي والمهم.
كلنا متفقون بأن الحوار بمفهومه العام هو من أهم أدوات التواصل الفكري والثقافي والأجتماعي والسياسي التي تتطلبها مراحل الحياة في أي مجتمع معاصر لما له من أثر كبير في توحيد الرؤى وتنمية القدرات الأفراد على التفكير المشترك والتحليل والأستدلال، كما ان الحوار الحضاري والصريح تعتبر من الأنشطة والمهارات التي تحرر الإنسان من الأنغلاق والأنعزالية.
أننا اليوم بأمس الحاجة ألى الحوار وتبادل الأفكار فيما بيننا لبحث ومناقشة القضايا التي تهم مستقبل بلدنا ونضع النقاط على الحروف.
يجب أن لانركز عل العناوين ونقف عند المسميات (كالمصالحة الوطنية، أو تسوية سياسية، أو لقاء القادة السياسيين)، علينا أن نمتلك الشجاعة الكافية لمراجعة الأخطاء في العملية السياسية وأن نجتهد في سبيل منع أشكال الدكتاتورية المركز وأحتكار السلطة والقرارات المصيرية من قبل مجموعة أو حزب معين، يجب الأبتعاد عن مؤثرات الدولة الريعية والتخلص من التبعية السياسية.
نحن نحتاج أولآ ألى مصالحة مجتمعية حقيقية بين المكونات ونرسخ مفاهيم وقيم التعايش والسلام وتقبل الآخر وخاصة في مرحلة ما بعد داعش، علينا أن نتحدث بصراحة وجرأة ونشخص بدقة ما لدينا من مشاكل ونعرضها بشكل واضح ونشترك سوية في البحث عن الحلول والمعالجات لهذه المشاكل والأزمات.
اذا كانت الاختلافات السياسية والانشقاقات الداخلية أفرزت فجوات أستغله تنظيم داعش الأرهابي الذي هددد الأمن والأستقرار بلدنا وسلمنا الأجتماعي بل هدد كيان الدولة بأكملها، ففي المقابل ان نظاما سياسيا و حكما جيدا يضمن المشاركة الفعلية للجميع و يكفل حق المواطنة والحرية ويحفظ حقوق الأقليات بغض النظر عن تسمياتهم من خلال المؤسسات الدولة، هو ضامن أقوى لوحدة الصف ومواجهة جميع الصعوبات والمخاطر، وبعكس ذلك أذا كان الحكم غير صحيحا وأدارته غير رشيدة سوف تتعمق الخلافات وتبرز نقاط الضعف ويؤدي ألى الأبتعاد عن الحكومة كفئات وأفراد وبالتالي تنعدم الثقة بين المواطن والحكومة وتتأزم الأوضاع أكثر فأكثر.
سادتي منذ سنتين وفي معظم الأجتماعات والندوات وحتى اللقاءات الجانبية كنت أتحدث وأؤكد دائما عن ضرورة التحضير لمرحلة مابعد داعش الأرهابي، ومستقبل المناطق المحررة كان من أولوياتنا، والسؤال هنا؟ كيف نحفاظ على هذا الأنتصار ونجعله مسؤلية جميعنا؟ ولاسيما كانت هناك مشاكل سياسية جمة تأجلت بسبب داعش، وسوف نواجهها مرة اخرى، كالمشاكل العالقة بين الأقليم والمركز.
وأنتهز هذه الفرصة لكي اتحدث قليلا عن هذه المعضلة، لأنها قضية في غاية الأهمية بالنسبة لنا، أنا كمواطن كوردي وعضو في هيئة رئاسة السلطة التشريعية، أتسائل وبكل صراحة؟ لماذا بقيت هذه المشاكل الى يومنا هذا دون حلول، بحسب الدستور، أقليم كوردستان جزء من الدولة العراق الأتحادي، وهذا معناه بالوقت الذي تكون بغداد مسؤولة عن حياة المواطنين في أي محافظة عراقية، فهي مسؤولة أيضا عن حياة المواطنين في اقليم كردستان، سادتي قرابة خمسة ملايين أنسان فى أقليم كوردستان للأسف يدفعون يوميا ضريبة الصراعات والمشاكل عدد من السياسيين الذين لايتجاوزون عدد الأصابع.
نريد ان نسمع صوتكم الداعم للأنسانية وأن تبعثوا رسائلكم القوية ألى السلطات التنفيذية في بغداد وأربيل وتطالبوا بكل وضوح بضرورة التوقف عن معاقبة المواطنين، بالاضافة ألى عدم حلحلة العديد من الملفات العالقة كمشكلة المناطق المتنازع عليها ومستحقات البيشمركة.
الحضور الكريم...
أذا كان العراق بلد للجميع، فمشاكلنا واضحة وجلية، وآن الأوان لحسمها والبحث عن الحلول الجذرية والنهائية وهذا ما نتمناه أن نراه في توصيات المؤتمر، وحان الوقت لكي نغير المعادلة التقليدية المبنية على أساس العلاقات السياسية والمصالح الفئوية الضيقة، ألى علاقات فعالة مبنية على الأسس الوطنية هدفها المصالحة الحقيقية وليس المجاملات السياسية.
أن ترسيخ مبادئ التعايش السلمي وتقبل الآخر وتثبيت مفهوم السلام والتآخي بين كافة الأطياف لمكونات المجتمع يحتاج ألى مشاركة الجميع في صنع القرار السياسي وتوزيع المسؤليات وفق مبادئ دولة المواطنة كما هو موجود في الدستور وليس على شىء آخر.
أعزائى كما تعلمون، العراق بلد الحضارات والخيرات والكفاءات، ولكي نصنع مستقبلا أفضل لأجيالنا القادمة، علينا أولا تجاوز الماضي بمآسيه وآلامه، ونعمل سوية لتطبيع الحياة على الأرض، وذلك من خلال أعادة النازحين وأعمار المناطق المدمرة جراء العمليات العسكرية والأرهابية، نعم سادتي الأيادي والسواعد الأصيلة التي دافعت وقاتلت الأعداء من أجل الوطن، هي نفسها تستطيع أن تبني المصانع وتحرث الأرض في المزارع وتعمل في جميع القطاعات الخدمية أذا نحن كسياسين سعينا وأردنا ذلك.
يجب أن تكون أولويات مهامنا القادمة الأنتقال بمجتمعنا من مجتمع مستهلك الى مجتمع منتج وفاعل، ليس من المعقول أن تبقى الأجيال تحت رحمة أسواق النفط وتضاربات أسعاره في العالم، لقد رأينا جميعا ونراه الآن ومستقبلا تظاهرات الجماهير وخروج الناس ألى شوارع طلبا للحياة وتوفير الخدمات والرواتب ولقمة العيش، لذا يجب ان ننتهج سياسة مبنية على أسس صحيحة.
من البديهيات والمسلمات بأن التطرف والتكفير ينمو فى فضاء الفقر والبطالة، ولكي نقلع التطرف من جذوره نحتاج الى نوع آخر من الكفاح والنضال، وهو النضال من أجل الأعمار وأعادة البنى التحتية وتسخير كل الطاقات شبابنا في هذه المرحلة، وبالمقابل أيضا علينا بمكافحة الفساد والقضاء عليه وتجفيف منابعه، والفساد لايقل ضررا من الأرهاب بل موازيا له، وأن كانت لدينا الأرادة الكافية كشعب طموح نستطيع أن نبني بلدنا.
نحن لسنا أقل من البلدان الذين أستطاعوا فى غضون عقدين أو ثلاثة أن يغيروا ويطورا حياة مجتمعاتهم وأصبحوا كدول متقدمة، لأننا نمتلك الموارد الطبيعية والبشرية الكافية لذلك ولكننا نفتقر ألى ادارة جيدة.
أخيرا أشكر مرة أخرى القائمين على هذا المؤتمر، وأتمنى أن نخرج جميعا بقرارات فيها خدمة ومصلحة عامة لشعبنا.
وأجدد شكري وأحترامي للجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
آرام شيخ محمد
عضو هيئة رساة البرلمان العراقي
السبت 14/1/2017