کلمة ارام شيخ محمد لوفاة القائد نوشيروان مصطفى
5/24/2017
بسم الله الرحمن الرحيم
استيقظ شعب كردستان صبيحة يوم (٢٠١٧/٥/١٩) على فاجعة مؤلمة برحيل القائد والسياسي الكردي و المفكر الموسوعي الاستاذ نوشيروان مصطفى الذي سخر جل حياته للدفاع عن مصالح شعب العراق وشعب كردستان.
نعم كان كاك نوشيروان المنسق العام لحركة التغيير، و لكن فكره و نهجه السياسي كان عابرا للاطر الحزبية و كان ملكا لكل الشعب الكردستاني، لان همومه و بصيرته السياسية كانت نابعة من منطلقات وطنية ومستقبلية و ليست هموم انية او مرحلية عابرة، و كان قراءاته لصيرورة الحركة التحررية الكردية و تعمقه في دراساته السوسيولوجية للمجتمع الكردستاني و العراقي قد ساعده كثيرا كي يكون قائدا سياسيا و عسكريا في اتخاذ قراراته و توقيتاته ما اهله ان يكون صانعا للاحداث و ان يكون فاعلا و ليس منفعلا و مؤثرا وليس متأثرا بما يحدث حوله، لذا اصبح رجل القرارات الصعبة بامتياز، لذلك شكلت محطات حياته و نضالاته و مؤلفاته الغزيرة في المجالات المتعددة، مدرسة و مشروعا لتاسيس الحياة السياسية الكردستانية و العراقية على اسس متينة مبنية على مبادئ الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و سيادة القانون و ادارة الحكم عن طريق المؤسسات الشرعية و الديمقراطية.
ياقادة العراق الجديد...
الاستاذ نوشيروان مصطفى ليس بغريب عنكم، بل كان رفيق دربكم في النضال ضد الدكتاتورية المقيتة. هذا المناضل الذي ترك اكمال مناقشة اطروحة الدكتوراه في العلاقات الدولية في جامعة فينا اواسط السبعينات من القرن الماضي واختار جبال كردستان ليكمل نضاله الثوري مع رفيق نضاله الرئيس مام جلال ورفاقهم الاخرين في الاتحاد الوطني الكردستاني حيث كان من احد المؤسسين في نفس الوقت.
وبعد مرور عام فقط اندلعت الثورة الكردية من جديد، وكانت اساسا للثورة العراقية ضد الدكتاتورية من جبال كردستان. خطط لانتفاضة شعب كردستان في عام (١٩٩١) قبل اشهر من اندلاعها و اشرف بنفسه عليها ولقب بمهندس الانتفاضة. وكان له اليد الطولى لأعداد و اجراء انتخابات اقليم كردستان عام (١٩٩٢) و تشكيل البرلمان و الحكومة.
بعد سقوط النظام الصدامي كان نوشيروان مصطفى احد ابرز قادة العراق الذي شارك في مناقشة و كتابة الدستور العراقي الدائم، وترك بصمات واضحة في تأسيس نظام حكم ديمقراطي فدرالي تعددي و تثبيت الحقوق المدنية و السياسية و المساواة للشعب العراقي والشعب الكردي.
مرحلة مضيئة اخرى من حياة هذا المناضل الكبير، هو تاسيسه لحركة التغيير عام (٢٠٠٩) و بذلك اضاف لمسيرته النضالية و الحركة السياسية في كردستان العراق تشكيل اول حركة معارضة مدنية ديمقراطية برلمانية. استطاع ان يغير مجرى الصراعات السياسية في الاقليم من اصطدامات مسلحة و اقتتال داخلي الى صراع ديمقراطي برلماني مدني.
هذه الحركة تاسست لمحاربة الفساد و ابعاد النزعات التسلطية و الاستحواذ غير الشرعي على السلطة و ترسيخ مبادئ الحرية و سيادة القانون والتداول السلمي للسلطة و الاحتكام الى المؤسسات الشرعية لادارة حكم رشيد في اقليم كردستان العراق.
برحيل الاستاذ نوشيروان مصطفى الزاهد و المتواضع، النزيه، المناصر للمظلومين والفقراء والمحارب للفاسدين و المفسدين، تكون الحركة الاصلاحية في اقليم كردستان قد خسرت مكافحا صلبا و معارضا شامخا للهيمنة و الفساد في ظروف صعبة يعيشها الاقليم من ازمات سياسية و اقتصادية و تعطيل المؤسسات الشرعية.
كل مانقول بحق هذا الرجل فهو قليل.
وفي الختام، نعاهد القائد الذي رحل عنا جسده ولكنه حاضر في ضمائرنا و قلوبنا ان نكون اوفياء لمبادئه الوطنية السامية الذي عاش و مات من اجلها و نكمل مسيرته المضيئة الخالدة.
بقي ان اشكر باسمي و نيابة عن اخواتي و اخواني في الكتل الكردستانية، كل من شاركنا هذا المصاب الجلل و خفف عنا الامنا.
انا لله و انا اليه راجعون، الفاتحة على روح الفقيد و جميع شهداء العراق.
ارام شیخ محمد
٢٣-٥-٢٠١٧